أعطي لله عهدًا، لئن تقدم إليه أحد، لا نعينه، ولا وطئ لي بساطًا. أنا أصلح شأنه. وصرّ في صرة عشرة دراهم، وجعلها في جيبه، واستعمل لفرد نعل قبالًا واهيًا، ثم توجه الى الجامع، فلما مر بالشاب قام لعادته وتكلم بقبيح كلام. فلما حاذاه الشيخ اتكأ على نعله فقطع القبال. ثم مال الى الشاب فسلّم عليه، وقال: أي بني لعل عندك قبالًا، فأعطاه قبالًا. فأدخل زيد يده فأخرج الصرة من جيبه ودفعها له. فقال الشاب ما هذا؟ فقال زيد: صنعت لنا قبالًا، فكافيناه، ولك عندنا أمثالها. وسار الى الجامع. فلما كان انصرافه منه، مرّ بالشاب. فقام على قدميه، وقال: الحمد لله الذي خصّ بلدنا بهذا الشيخ الفاضل. اللهم ابقه لنا واحرزه على المسلمين. فلقد انتفع به شبابنا وحظي به شيوخنا. فقال له جار له: ما هذا؟ فقال له الشاب: اسكت، إنه أعطاني عشرة دراهم على إصلاح قباله. فليت له بهذه أخر. وكان سبب خروجه من مصر، الفرار من المحنة في العراق، بعد أن منع من السماع. فخرج سنة اثنتين وثلاثين ومائتين حين ولاية أبي بكر الأصم، ولي قضاء مصر وأخذ الناس بالمحنة. فاختفى زيد في بيته ثم خرج فارًّا. قال ابن سالم: لقيت بالمدينة محمد بن مالك بن أنس، فقلت له: حدثني عن أبيك. فقال: ما أحفظ شيئًا. فقلت له: تذكر. فقال: سمعته يقول: أدركت بمسجد النبي ﷺ تقوم فيه طائفة من الناس الى ثلث الليل، ثم تذهب وتأتي أخرى، فتقوم الى الصبح، ثم أخرى قبل هذه تقوم ثلث الليل الآخر. قال زيد: استفتاني رجل في مسألة فأفتيته بقول مالك، ثم أدركني ندم، فقلت: تركت مذهب من هو خير من مالك، زيد بن ثابت وأصابني شيء فغلبني النوم، فرأيت كأني في ظلمة إذ سقيت.