وصفها له، وأنه أمره أن يسكن دار السلطان، فلم يأخذ بوصيته. فعوقب بسكنى قرطبة، وأغرب أهل تاريخ الأندلس وهو عبد الملك بن عبد البر في شأن عيسى، بأن جعله رحل الى مالك وعده مع زياد ويحيى بن مضر وقرعوس بن العباس، قال: فأما زياد فسمع منه الموطأ، وأما يحيى وعيسى وقرعوس فلم يبلغنا أنهم سمعوا منه الموطأ. ولا ندري ما الذي منعهم منه، إلا أن نظن أن لقاهم كان قبل تكلمه وتخرجه فانصرفوا كلهم إلا عيسى، فإنه بقي بعدهم بالمشرق، ولزم عبد الرحمن بن القاسم، فأخذ عنه سماعه في الرأي عن مالك. فجمع علمًا عظيمًا. ثم قال: فانتشر به وبيحيى علم مالك بالأندلس، ورجعت الفتيا بالأندلس الى رأيه. قال القاضي أبو الفضل ﵀. لم يذكر أحد من أصحاب علم الرجال والأثر سماعًا لعيسى بن مالك. ولا أثبتوه. ولا روى أحد الفقهاء وعلماء الرأي والمسائل له مقالًا، عن مالك. ولا رفعوا له عنه فتيا. وعيسى في شهرته لا يخفى مثل هذا من فضائله. ويعد أول مناقبه، كما عد لغيره ممن شهد له، كشهرته. وقد ذكرنا في خبر يحيى بن مضر وقرعوس غير ما ذكر من دوامهما للموطأ عن مالك، ولا شك أن رحلته مع أولئك الأكابر، ولم يدر ما الذي منعه من سماع الموطأ. ويتم كله، فقد ذكر أبو
محمد بن حزم، أن رحلة عيسى كانت في حدود سبعين ومائة. هذا بعد موت مالك بنحو عشر سنين. ويصح هذا، لأنه لم يرو عن أحد من أكابر أصحاب مالك. الذين ماتوا في هذه المدة، كالمغيرة وابن أبي حازم وابن نافع، وابن الصائغ وغيرهم. إنما روى أقوالهم عن أخيه عبد الرحمن. وكانت رحلة أخيه أيضًا بعد موت مالك. قال ابن حارث: رحل عيسى وأصحاب مالك متوافرون، ابن القاسم وابن