الأمير على ابن حبيب وقال له: تعلم يدي عنك، وأريد أن أسألك عن شيء فأصدقني فيه. فقال: نعم. لا تسألني عن شيء إلا صدقتك فيه. فقال: إنه رفع إلينا عن يحيى والقاضي، أنهما يعملان علينا في هذا الأمر. فقال ابن حبيب: قد
علم الأمير ما بيني وبين يحيى، ولكني لا أقول عليه إلا الحق، ليس يحيى بن يحيى إلا ممن يحيي الحق، وكل ما رفع عليه فباطل. وأما القاضي فلا ينبغي للأمير أن يشاركه في عدله، من يشركه في نسبه، فعزل القاضي. وقد رأينا أن يحيى قارضه أيضًا بمثل هذا. ولست أعلم أي قصة صاحبها. وقد ذكر أن بعض جيران ابن حبيب اشتكى إليه، بأن بعض المنصرفين لبعض الوزراء، أنه يؤذيه، ويستطيل عليه.
فأمر عبد الملك برصده، فجيء به إليه، فضرب بين يديه ضربًا مبرحًا، فشكا الى صاحبه فكتب الى يحيى بن يحيى، فذكر له ما صنع ابن حبيب، بصاحبه وحاشيته. وسأله تأييده عليه عند الأمير. فكتب إليه يحيى: ما كنا نعينك على العلم وأهله، وأيم الله لأقلامنا أنفذ من سهامكم. فانصرف عن رأيك والسلام. وذكر أنه لما أراد أن يرحل، سأل عيسى بن دينار، أن يوصيه في مذهبه في رحلته، فقال له عيسى: إذا أصبت عالمًا، فلا تظهر له مع علمه علمًا، فيحرمك ما عنده. ومن فتاويه القصة المشهورة، وذلك أنه فيما ذكر أن المعروف بابن أخي عجَب، كان قد تكلم بعبث من القول في يوم غيم، شهد به عليه، فأمر الأمير عبد الرحمن بحبسه فأبرمته عمته عجب في إطلاقه. وكانت مكينة عند الأمير في حظاياه. فقال لها: نكشف أهل