للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنيسة أعطيتكه. فقال له الآخر: المسجد أولى. قال: لا والله. إني رأيت من تعلق بالله مخذولًا. ومن تعلق بالشنيرة والقرابين عزيزًا الى حسن الحال. ودخل عليه رجلان، في حال استبلاله من علة. فسألاه عن حاله. فقال لهما: أما الآن فلا بأس بي، إلا أني لقيت في مرضي هذا، ما لو قتلت أبا بكر وعمر لم أستوجب هذا كله. فبعث قاضي البيرة بكتاب الشهادات الى الأمير عبد الرحمن بن الحكم، بعد أن سجن هارون في الحديد، فاختلف الفقهاء فيما يجب عليه. فبعث الأمير بالكتاب الى أخيه عبد الملك وغيره من الفقهاء. فأجاب في ذلك عبد الملك بجوابه العريض الطويل، المتضمن أوراقًا كثيرة. يتضمن حسن المخرج بكلام أخيه، وإسقاط الحد عنه، والعقوبة، فأسقط شهادة صاحب السلم بأن قال: هو شاهد واحد. ولم يجعل الله ولا رسوله في شهادة

الواحد. وإن كان مرضيًا قطعها مقطعًا بحق. ولا يجب بها على أحد عقوبة بحبس ولا ضربة بسوط، فما فوقه بلاء. لو شهد عليه أحد أنه كفر وزنى وسرق وسكر لما ضرب بشهادته سوطًا. قال فكيف لو اجتمع عليه شاهدان، لما وجب عليه فيه شيء لتصرفه في المعنى، الى ما لا يجب به فيه شيء. واحتج بقول عمر لا يحل لامرئ مسلم يسمع الكلمة من أخيه المسلم أو عن أخيه المسلم أن يظن بها ظن سوء وهو يجد لها في شيء من الخير مصدرًا. ثم قال: ومن تصريف اللفظ أن يقول: عنيت بقولي إني رأيت من تعلق بالله مخذولًا عندكم. ولا تعينونه، ولا تصرفون حقه. ومن تعلق بالقرابين كان عزيزًا عندكم، حسن الحال فيكم. إذا كان البلد بلد عجم، واحتج على ما ورد من هذا المعنى بقول النبي : سيأتي على الناس زمان يكون الغني التاجر فيهم كالعالم الزاهد، فيكم، الحديث. فيصرفه الى معنى فساد الزمان. قال: ولو كان لا ينصرف الى هذا لوجب عليه القتل دون السوط لأنه كفر وأجاب عن شهادة السائلين له عن حاله،

<<  <  ج: ص:  >  >>