الواقعين تألبوا بالباطل، وأمر من ساعته بتوجيهه الى قرطبة. فلما قدم حلف ألا يستبقي يحيى بن يحيى، ولا زونان، ولا سعيد بن حسان. فبقيت الأحكام معلقة الى مقدم الأمير، فبلغه.
فأنكر ذلك. فقال له: قد أقسمت على ذلك. وفي البيرة رجل من أهل العلم والتقدم، ستغنى به عنهم. يعني عبد الملك بن حبيب. فأقدمه، وانفرد بفتياه. قال ابن أيمن، عن محمد: كنت يومًا عند ابن معمر. إذ دخل عليه ابن حبيب. فلما أخذ مجلسه قال له: قضيته، الآن أحب أن تنفذ فيها، بما أشرت به عليك هو الحق إن شاء الله. وكان ابن معمر، يريد أن يحكم فيها بقول ابن القاسم، وأفتاه ابن حبيب بقول أشهب. فقال ابن معمر: والله لا أفعل، ولا أخالف ما وجدت عليه أهل البلد من العمل على قول ابن القاسم. فما زال التراجع بينهما، حتى قام ابن حبيب مغضبًا. فقلت له: هذا ابقه على أعدائك، كأني به قد صار في عددهم، ثم يعزلونه ثانية. فقال بالعزل تخوفني. ليت بغلتي عجزت في سهلة الحدود منصرفًا الى إشبيلية. وقد اختلفت الأخبار هل مات معزولًا أو قاضيًا. قال ابن عبد البر: كان أول ما ظهر من حذق ابن معمر، أن تقديمه الى القضاء وافق ليلة فطر، وأضحى فمشى صبيحتها الى المصلى يقيم الصلاة، وكانت الصلاة للقاضي. وكان ابراهيم يومئذ أمر، أن يقام للإمام عترة. يصلي إليها، إذ لم يكن يومئذ للمصلى محراب. فإذا بأهل النباهة والفطنة من ذوي الهيئات، قد احتشدوا العترة، ليتعرفوا خطبته. فلما جاء وراءهم فهم الأمر. فكادهم بأن قال لقومه: إنذي أرى الناس قد ازدحموا، الى