القرآن. ورد كتابه الى أبي بكر الأصم، قاضي مصر. فأخذ الناس بذلك. فلم يبق فقيه ولا مؤذن ولا معلم إلا أخذ بها. فهوى كثير من الناس، ومليت السجون ممن أنكرها، وأمر القاضي أن يكتب المخلوق على أبواب المساجد. فذكر بعضهم، أنه رأى مطرًا غلام الأصم، يسوق هارون الأيلي بعمامته. وهي في عنقه وطيلسانه تحت عضده. وهارون ينادي على نفيه بالمخلوق حتى أخرجه من السجن. وطاف به الطرق كلها، كذلك أتى مطر الى محمد بن عبد الحكم، فأخذ برجله، فوثب محمد، فلما همّ مطر أن يتناول قلنسوته، بادر محمد فجعلها في كمه. فأطافه مطر ينادي بالمخلوق، فمضى به على حلقة المعتزلة، فقالوا له: الحمد لله الذي هداك يا عبد الله. ففي هذا يقول الجمل المصري من قصيدة يمدح الأصم:
ومحمد الحكمي أنت أطفته … وأخاه ينعق بالصياح الأجهر
كل ينادي بالقران وخلقه … فشهرتهم بمقالة لم تشهر
أعطتك السنة أتتك ضيرها … وأتتك ألسنة بما لم تضمر
ومات في ذي القعدة منتصف سنة اثنتين وثمانين ومائتين فيأتي على هذا أن سماعه من ابن القاسم، كان وهو ابن نحو تسعة أعوام. لأن وفاة ابن القاسم في صفر سنة إحدى وتسعين ومائة. ومن ابن وهب وهو ابن بضعة عشر عامًا.﵀ وهذا يضعف ما تقدم فيما حكى ابن القاسم قال: