للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أني كنت أمشي في طريق الساحل، فلما كان آخر النهار عارضني طريقان، أحدهما الى قرية رجل صالح،

غني. والأخرى الى قرية رجل صالح، فقير. وهما صديقان لي. فوقفت أنظر من أقصد. فقالت لي نفسي: إن قصدت الفقير، عساك لا تجد عنده شيئًا يتعشى عياله وأطفاله. وإن كان عنده، ضيعت عليهم، وغممتهم. وإن قصدت الغني، وجدت عنده خبزًا طيبًا، من القمح من أرضه الموروثة، وزيتًا من زيتونه، وتينًا فاخرًا. عسى يذبح لك خروفًا من غنمه، وهي ترعى في أرضه، وتسره وتجد بغيتك. وتأكل شهوتك. فخطوت في طريقه ثلاث خطوات، ثم استيقظت، فقصدت طريق الفقير، فرحب بي وطيب وأخذ بيدي الى بيته. فلما جلسنا لنتعشى، دقّ الباب علينا. فأتاني بصحبته ثريد من القمح، عليه لحم خروف سمين. فقال لي: كل. فأكلنا حتى شبعنا. وحمل البقية الى عياله. ثم ضرب الباب، فخرج. فإذا بطبق فيه صفحة زيت، وتين فاخر، فأكلنا حتى شبعنا. ثم سألته عن ذلك. فقال لي: أتاني به جار لي. فقلت له: صح به. فسألته عن السبب، فقال: نعم. كان عندنا خروف سمّنّاه، وكنا ننتظر به يومًا نفرح الصبيان بذبحه. فحل ذلك اليوم بقلوبنا. فلما ذبحناه وثردنا ورأيتك نزلت بجارنا قلت لامرأتي لا ينزل بصالح إلا صالح مثله. وليس له طاقة. ونحن نجد العوض في غير يومنا. فهل تري أن نطعمهم إياه، ونسأله دعوة لنا ولأولادنا. فقالت: افعل. فجئناكما بها، من على المائدة. قالت لي الزوجة: لابد من حلاوة. فأعطتني هذا التين والزيت. قال أبو الحسن القابسي: ذكر أن ابن سحنون، كان يوم ضحوة يلقي على أصحابه المسائل، وهو يشرح. إذ وجم ساعة. ثم نهض للقيام. ثم قال من حضرته نية لزيارة الشيخ واصل، فليقم. وخرج من فوره. فوصل عصر غده. فأتى المسجد. فدخل واصل، فصلى بهم. ثم خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>