للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسأله ما تقول في يزيد؟ فقال أصلح الله الأمير. ما أقول ما قالت الإباضية، ولا ما قالت المرجئة. قال: وما قالت؟ قال: قالت الإباضية: إن من أذنب ذنبًا فهو من أهل النار. وقالت المرجئة: لا تضر الذنوب مع التوحيد. أما يزيد عظيمًا جسيمًا، ويفعل الله في خلقه ما أحب. ثم انصرف. وذكر أن رجلًا من أصحاب محمد، دخل بمصر، حمامًا، عليه رجل يهودي فتناظر معه الرجل فغلبه اليهودي، لقلة معرفة الرجل. فلما حج محمد بن سحنون صحبه الرجل، فلما دخل مصر، قال له: امض بنا، أصلحك الله، الى الحمام الذي عليه اليهودي. فلما دنا خروج محمد، سبقه الرجل. وأنشب المناظرة مع اليهودي، حتى حانت الصلاة. فصلى محمد الظهر، ثم رجع معه الى المناظرة، حتى كانت العصر، فصلاها. ثم كذلك العشاء، ثم الى العشاء الآخرة، ثم الى الفجر، وقد اجتمع الناس وشاع الخبر بمصر، الفقيه المغربي يناظر اليهودي، فلما كانت صلاة الفجر انقطع اليهودي، وتبين له الحق وأسلم. فكبّر الناس وعلت أصواتهم. فخرج محمد وهو يمسح العرق عن وجهه، وقال لصاحبه: لا جزاك الله خيرًا. كاد أن يجري على يديك فتنة عظيمة. تناظر يهوديًا، وأنت بضعف، فإن ظهر عليك اليهودي، لضعفك، افتتن من قدر الله فتنته، أو كما قال. وذكر أن رجلًا عراقيًا كان يؤذي محمد بن سحنون، وينال منه. فاشتد عليه مرة الفقر، فقام بباله قصده. فنهته امرأته لما عرفت منه، فلم يقبل منها. ووصل إليه. فقال: جئت أستعينك وأستعفيك. فقال: اذكر حاجتك. فقال: ما جئت الى هذا. قال: لابد أن تذكر حاجتك. فشكا إليه حاله. فاسترجع محمد، وقال: يا أخي بلغ منك هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>