إن ذلك كان سنة سبع وخمسين، فلم يزل اسماعيل على الجانب الغربي بأسره، الى سنة اثنين وستين. فجمعت له بغداد كلها. والقاضي بسر من رأى، علي بن محمد بن أبي الشوارب. وكان يدعى بقاضي القضاة. واسماعيل المقدم على سائر القضاة. الى أن توفي. قال ابن أبي طاهر، ولم يجمع قضاء بغداد لأحد قبله، وأضاف إليه قضاء المدائن النهروانات. وذكر ابن حارث وغيره: أنه ولي قضاء القضاة آخرًا. ولم يذكره المؤرخون. وهم أقعد بهذا. وكان يكتب له في قضائه، أبو العباس أحمد بن سريج الشافعي. المعروف بالبازي الأشهب. وهو الذي ألف التوسّط بين محمد بن الحسن واسماعيل القاضي. وهو كتاب كبير. وكان حاجبه ابن عمه أبا عمر، محمد بن يوسف بن يعقوب. قال أبو عمرو الدّاني: ولي اسماعيل القضاء اثنتين وثلاثين سنة. قال الفرغاني: ضرب أبو أحمد الموفق اسماعيل بن إسحاق لتحامله على المعتضد. فجاء اسماعيل يومًا برسالة من الموفق الى المعتضد فقال له المعتضد: يا شيخ ولاك الموفق الحكم؟ أي أنه لم يوله هو. وأن الموفق غلبه على الأمر. فسكت اسماعيل، ولم يجبه. فصار الى الموفق، وسأله إعفاءه، فأعفاه. وصيّر مكانه يوسف بن يعقوب.
وذكر القاضي وكيع في كتابه في القضاة، القاضي اسماعيل، فقال: كان عفيفًا صليبًا، فهمًا. وذكر أن أبا حازم القاضي، كان يقول: ما خرج من البصرة قاضي أسدّ من اسماعيل بن إسحاق في القضاء وحسن مذهبه فيه، وسهولة الأمر عليه، مما كان يلتبس على غيره. ففي شهرته ما يغني عن ذكره. وكان في أكثر أوقاته، وبعد فراغه من الخصوم، متشاغلًا بالعلم. لأنه اعتمد على حاجبه أبي عمر. فكان
يحمل عنه، أكثر أمره، من لقاء السلطان، وغيره. وأقبل هو على الحديث والعلم. وكان اسماعيل شديدًا