ليسمع كلامهم. وأمر القاضي بتتبع أفعاله، ومناظرته، ليفضحه على رؤوس الناس. فكان من جملة ما سألوا ابن طالب أن قالوا له: دفعت من وصية فلان الى فلان العباسي مائة دينار. ولغيره الدينار، وأقل. وهو عندك ممن لا تحل له الصدقة. فإنه من بني هاشم. فقصّر في الأجوبة. ورد الى السجن. فيحكى أن الشرط دفعوه. فكان يقول: يا فتيان، اذكروا
النار. وقال ابراهيم لابن عبدون: أحضره يومًا آخر، وأحضر جماعة الفقهاء، حتى يتبين خطؤه. فأنكل فيه. وكان ابن الأغلب قد أحضر سعيد بن الحداد، قبل، ليكون منه في ابن طالب ما كان من غيره. فأعان ابن الحداد ابن طالب، ووفى له. ودعا ابن الحداد ابنه. وقال له: تذهب الى ابن
طالب، فقد علمت كيف كان برّه بنا. وقد صار ما صار إليه، وذهب عقله وفهمه لعظيم محنته.
وإنما يعد الأخوان لمثل هذا. فكتب جميع أجوبة المسائل، التي سألوه عنها. وأمره أن يحتج بها، إذا سألوه، وقال له في مسألة العباسي: إنما حرمت الصدقات عليهم، إذ كانوا يأخذون سهم ذي القربى، وأما الآن، فالصدقة عليهم حلال لحاجتهم. وقال لابنه: إحذر أن يشعر بك أحد. وقل له: يقرأها في خلوته. وجِئني بها، حتى يطمئن قلبي. فحملها إليه، وجعل ابن طالب يختلف الى المستراح، حتى وقف عليها وحفظ معانيها. وتذكّر ما أغفل عنه، لعظيم محنته، وردها. فلما كان اليوم الموعود، وأحضر، وسئل: أجاب عن كل ما عجز عنه في الجمعة الأولى. فاغتم لذلك ابراهيم، ورده الى السجون، وعوّل على قتله. فيقال دبّر إليه من سقاه سمًا. وقيل أحال عليه أسودَين ركضا بطنه، حتى مات. وقيل: إنهم لما ركضوا في بطنه، ألقى دمًا عظيمًا من أسفله. ثم أخرجه من السجن، ووجه إليه فرسًا، ودواء. فأقامه في داره، ودموعه تسيل، ونفسه تتصاعد، حتى مات ﵀. حكى