للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه لما شاور العلماء ابراهيم، فيمن يلي القضاء، اختلفوا عليه. فذكر له عيسى، فقال أحمد بن ناجي: والله، أيها الأمير، صاحبنا عند سحنون. جمع الله فيه خلال الخير، بأسرها. فوجه فيه الى الساحل. فأتي به. وفي المجلس حمديس وغيره. فقال له ابراهيم: أدتري لمَ بعثت إليك؟ فقال: لا. قال: لأشاورك في رجل قد جمع خلال الخير أردت أن أوليه القضاء. وألمّ به شعث هذه الأمة فأمتنع؟ قال: ألزمه أن يلبي. قال: تمنّع. قال يُجبر على ذلك. قال: أمتنع؟ قال: يُجلد. قال: قم.

فأنت هو. قال: ما أنا بالذي وصفت. وتمنع. فأخذ الأمير بمجامع ثيابه، وقرب السيف من نحره. فتقدم إليه عيسى بنحره. قال حمديس: فقمت من مكاني، كيلا يصيبني من دمه. فلم يزل به، حتى ولي. قال ابن أبي سعيد: ولاه القضاء ابراهيم بن أحمد، بعد إجماع الناس عليه، على اختلاف مذاهبهم، وامتناعه. فخوّفه ابراهيم، وحلف له بغليظ الإيمان لئن لم تلِ لأقتلنّك.

فولي، وأسكنه رقادة. فكان لا يتصرف، ولا يخرج الى المسجد. وقيل إن ابراهيم قال: والله لأولين عليكم من لا تختلفون في فضله وزهده، وعلمه وورعه. فوجه فيه. قال غيره: وقيل: إن الأمير ابراهيم، قال له: إن لم تلِ لأولينّ ابن عبدون، يظهر البدعة، ويهين، السنة. وقيل إن ابن الأغلب لما وجه فيه، استخشن الرسول زيه. فلما أتى به ابن الأغلب، قال له: إنه لا يصلح للقضاء. لثقل روحه، وزيه. قال له: أرنيه، قبل وصوله إليّ. فأدخله من حيث يراه، وعليه جبة صوف، وعمامة صوف. فلما وصل إليه، قال له ابن الأغلب: قد اتفق الناس عليك. فقال: اتق الله ولا تول مثلي على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>