للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بالكم. أما ورَعٌ نقَص، أو علم زاد. قال بعضهم: إنما فعل لضرورة. إذ لم يقدر، على المشي. ولعله تصدق بقدر انتفاعه. وخرج من عند الأمير ابراهيم، وكان يكبره، ويجلّه. فشيّعه الى أن ركب وأصلحت عليه ثيابه. وكان بينه وبين حمديس القطان، صحبة عظيمة. وشركة في القطن، يعملان في سوق الأحد، الى أن تهاجرا، بسبب كتب محمد بن مهدي البكري. كان عبد الجبار يقرأها، فنهاه عنها حمديس. وقال له: سمعت سحنون يقول: ابن مهدي هذا. ضال، مضلّ. فلم ينته عنها، عبد الجبار، فهجره حمديس. ولم يزالا متهاجرين أربعًا وعشرين سنة. وكان حمديس لا ينهى الناس عن السماع منه. وكان عبد الجبار إذا مرّ بمسجد حمديس، سلم عليه، فلا يرد عليه السلام، يعني حمديس. فيقول عبد الجبار: ما هجرني إلا لله. ويقول: حمديس، رجل صالح. وكان ابن طالب صديقًا لعبد الجبار، فهم بتأديب حمديس بسببه، الى أن فسد أيضًا ما بينه وبين عبد الجبار. وكان سببه أن عبد الجبار كتب إليه في بعض أسبابه.

فلم يلتفت الى كتابه. فكتب بذلك للأمير، وكان ابن طالب يسمي ذكره. وطلبه ابن طالب عند الأمير، وأوقع فيه الشهادة بمخالفة مذهبه. وشهد عليه ابن الحداد وابن أبي سليمان وجماعة من أصحاب سحنون. واستدعى الشهادة عليه، حمديس. فأبى. وقال: هجرته ديانة. رأى شيئًا، ورأيت أنا خلافه. لم أهجره على مال أكله. أو عرض. فمضى القوم. قال ابن أبي سليمان: فما قام منا أحد حتى نفر عبد الجبار، وكان سحنون ينتظره حتى يحضر. فإذا حضر

<<  <  ج: ص:  >  >>