عاقلًا. من أهل المروءة. وكان سحنون إذا أراد أن يحرض ابنه، يقول له: ادرس، لا يجيئك كبير الرأس، يعنيه. وكان رأسه كبيرًا. وسمعت بعض الشيوخ يحكي، أن ابن غافق كان حليمًا، كريمًا. كثير الأخذ والفضل. وكان له عدوّ من أهل بلده. فقدم عدوّه الى القيروان يبدأ بثلبه. ونقضه لا يقعده في مجالس أهل العلم. فبلغ ذلك ابن غافق، فبدأ بإرسال التحف والهدايا، الى من خلف ذلك الرجل، في داره بتونس، من أهله وولده. فأغرقهم بها. وكتبوا إليه الى القيروان يعلمونه أن ابن غافق، أغرقنا بالنعم. فاستحيا ذلك الرجل، الذي يثلبه، وقلب لسانه بحمده وشكره. وجعل يعتذر الى كل من حفظ عنه فيه مقالًا سيئًا. ولما حجّ ابن غافق، أهدى إليه رجل هدية في سفره. فكافأه عليها في حينه. ثم أهدى إليه ثانية، فكافأه. فجعل الآخر يكثر في تهاديه، وابن غافق من مكافأته،
فلما أكثر عليه، لقيه، فقال له: ابن غافق: إن كان يسرّك أن أرجع الى بلدي، وعليّ دين فتمادَ في فعلك. فكف الرجل عنه. ويقال: ثلاثة رجال من أهل العلم، لم يكن أحد في الناس أطوع منهم. محمد بن سحنون بالقيروان، وأحمد بن مخلد بقسطلية، وابن غافق بتونس. وكان ينزل في القيروان، على أحمد بن أبي زاهر. ورحل ابن غافق الى رجل بالجزيرة. يتعلم منه الأدب. فبقي عنده عشر سنين. وبعد هذا وصل الى سحنون. ولما وصل الى مصر، لقي محمد بن عبد الحكم، وكان أتى مجلسه، وهو لا يعرفه، فسأل محمد أصحابه عن مسألة. فأجابه عنها بعضهم. فقال ابن عبد الحكم وكان أتى مجلسه