للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظمائها، وحمل الى مصر مع ابنه، في جملة الأسرى الذين قبض عليهم في

الهزيمة. وكانوا نحو ثلاثمائة فشهروا على الجمال، وأمر بضرب أعناقهم على النيل، ورمي جثثهم به، إلا النابلسي، فإنه أمر أن يسلخ من جلده.

وقال لجوهر: عرّف السلطان، أني أفدي نفسي بخمسمائة ألف. فدخل جوهر ثم خرج. فقال: اذهبوا به واسلخوه. فرمى بنفسه ثانية. فلطم شديدًا، وحمل بهذا المنظر، فطرح على وجهه بالأرض، وجلس على صدره ووركيه، ومسك جدًا. وشق السلاخون عرقوبيه، ونفخ كما تنفخ الشاة. ثم سلخ، وهو في كل هذا يقرأ القرآن بصوت قوي، وترتيل. الى أن انتهى السلخ الى كتفيه. فتغاشى. ثم مات. فصلب جسده، ناحية. ثم جلده، بعد أن حُشي ناحية. رحمة الله تعالى عليه. وذكر أبو الحسن بن جهضم في كتابه، في صدق فراسة المؤمن. قال: لما قدم أبو الحسن علي بن محمد بن سهل، الرملة. خرج إليه جماعة يتلقونه، ومنهم والد أبي بكر النابلسي، وابنه أبو بكر معه. فلما نظر الشيخ إليه، قال: مرحبًا بشهيد مصر. وكان هذا في سنة عشرين، واستشهد في التاريخ المتقدم بعد هذا، بنيف وأربعين سنة. وذكر ابن جهضم: أن قتله كان سنة ثلاث وستين. والأول أصح. قال ابن سعدون: لما أُتي بأبي بكر، وبابنه أسيرين، اختار الشيخ أن يقتل ابنه قبله، حتى يحتسبه، ويكون في ميزانه. فكان ذلك. فدعا الله على فاعله أن يفجعه الله بابنه. وكان لمعد ابن، اسمه: عبد الله، لقبه المهدي. ودعى له، وفيه دعاوي. فقبل الله دعاء الشيخ، وأماته في حياة أبيه، وأفجعه به. قال القاضي عياض: رأيت مثل هذه الحكاية لغيره وحكيت لنا من طرق، عن عبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>