فقال لها: من أنت؟ قالت: جاريتك. قال: أنا ما اشتريت جارية. امض الى من اشتراك، يبعك. ففعلت. فأقام على حاله، الى أن مات. وكان
القابسي يقول لمن قال لم يدرك، يحيى بن عمر الاسباطي: بل أدركه، صحيحًا. ولكن كان أبو محمد أولًا منقطعًا، فلهذا لم يسمع من يحيى. وحكى أن النعمان قاضي الشيعة، مرّ به، بباب داره. فقال: السلام عليك يا أبا محمد. فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل. وكرر عليه. فرد مثله. فلما انصرف النعما، قال له من حوله: تكون قاضي قضاة السلطان وداعيته، تسلم على صبي فما رد عليك. أذللت نفسك وأذللتنا. فرجع إليه يتوقد غضبًا. فلما رآه أبو محمد، قام، وجعل يده على أذنه، وقال: جعلت أذنك قمعًا لمن يقرب الى النار، لحمك ودمَك. قال: صدقت يا أبا محمد. فانصرف قائلًا لأصحابه: هذا بشر من أهل الدنيا. فيتم فيه ما نريد. ولقيه ابن هاشم قاضي القيروان في حفدته، فترجّل له وسلّم عليه. فاتب ابن مسرر في حق له، في قضاء القوم. فاعتذر له، وقال: هل لك من حاجة؟ فقال له: لا حاجة لي عندك. فسلم عليه. فقال للقاضي بعض من معه: إن أردت قضاء حاجته فكلم السلطان في الدار التي غصبها له. فقال: معن. وسأل السلطان فيها، فأجابه. فأخبر بذلك ابن مسرور. فقال والله لا فعلت شيئًا، تركته لله. ارجع فيه. لا حاجة لي فيه. وألّف كتبًا كثيرة في أنواع من العلوم، منها: كتاب المواقيت، ومعرفة النجوم، والأزمان. سمع منه أبو محمد بن أبي زيد، رحمه الله تعالى، والقابسي، ومحمد بن ادريس، وأبو عبد الله الصدفي، وغيرهم من أهل إفريقية، ومصر، والأندلس. وكان رحمه الله تعالى قد نبذ جماعة من أصحابه، لأشياء اطلع