عدلًا في أحكامه، صادقًا في الحق، لا يهاب سلطانًا، مشهورًا بالعلم، صحيح الكتب. قال أبو عبد الله الخراط: وكان مع ذلك كثير الاجتهاد في العبادة، على قيام الليل، وصيام النهار، وتلاوة كتاب الله تعالى. كثير الخشوع، والتواضع. وكان أبو الفضل الممسي، يشرّف قدر الحسن بن نصر بسوسة، وحمود بن سهلون بالساحل، وحمود بقابس: قال الزويلي: كان طويل الصلاة. لا تذكر الدنيا في مجلسه. أقام فوق أربعين سنة، إذا دخل شهر رمضان، لم يكلم أحدًا من الناس، ولا أهلًا ولا ولدًا. فإذا أراد حاجة، كتب بها. وكان زاهدًا في الدنيا. راغبًا في الآخرة. حكت عنه زوجته، وكانت امرأة صالحة: أنه كان يختم في رمضان كل ليلة ختمة. حتى كانت رجلاه تتورم من القيام، وتتفطر بالماء الأصفر، وكان إذا جاء الليل، وحضر وقت القيام، أقام جميع من عنده الى بيوتهم، وأخرج عنه السراج، فإذا هدأ أهل الدار، سمعت قراءته الى الصبح، فيصليه بوضوء قيامه في مسجده. ثم يدخل داره، فلا يزال في تسبيح، وذكر الى طلوع الشمس، فيدخل إليه الناس يأخذون عليه، الى ارتفاع النهار. فيركع الضحى، ويضطجع الى الهاجرة. هذا دأبه. وكان يتورع أن يقبل من أحد شيئًا. وحكى أن ابنه محمد، قال في سنة غلا فيها السعر بسوسة: اشترِ يا أبتِ طعامًا. فإني أرى السعر قد غلا. فقال له: ادع بحِسانَ خادمه. فقال لها: إكتالي ما عندنا من القمح. فقالت له: ثمانون. فقال لها: امضي بها الى السوق، لفلان يبيعه. ثم قال لابنه: يا محمد لست من المتوكلين على الله. وأنت قليل اليقين. كان القمح إذا كان عند أبيك ينجيك من