للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيهًا صليبًا، مغيرًا للمناكير، لا يهاب في إقامة الحق سلطانًا، ولا غيره. وكان يتسمى بالحكم. وكان إذا وردت عليه الكتب من السلطان، في أمر يخوف أصحابه، الى نفسه، وقرأ عليهم الكتاب، واستشارهم. فإن اتفقوا على

شيء خاطب به السلطان، وإن اختلفوا، قال لكل واحد: اكتب ما رأيت، بخطك. ثم ينظر ما كتبوه. فيكتب ما يختار منه. وأسقط شهادة رجل كان ينزل من حانوته، فينصرف متزرًا بميزر، عاري البدن. وقال له: أسقطت مروءتك، وهمتك. وكان يأمر من يمشي على شاطئ البحر، والمواضع الخالية، فإن وجدوا رجلًا مع غلام حدث، أتوا بهما إليه. فإن لم تقم بينة، أنه ابنه أو أخوه، عاقبه. وكان يجلس أيام مراسم الرباط، من حيث يتشرف لاطلاع مثل هذا. وبلغه أن رجلًا جاء ابنته بمزهر لطيف، تلعب به. فمزقه، وزجره. وكان لا يضمن صاحب الحمام بسوسة، ما تلف عنده، وإلزامه الثمن، على مشهور النص. فكثر مشتكوه. فحكم عليه بالضمان. لما حدث به يحيى بن عمر، عن الحارث، عن ابن وهب، عن مالك في تضمين صاحب الحمام. قال: فما اشتكى رليه أحد بعد. وكتب إليه حماس، في أمر نظر فيه الحسن بن نصر، أن يلتزم فيه الرفق والتؤدة والمداراة. فكتب إليه الحسن: بالتشديد في إقامته. وكان عنوان الكتاب: من الحاكم ابن نصر. فلما رأى حماس الكتاب، رمى به، وقال: من الحاكم؟ وكأنه عزّ عليه ذلك. وكان حماس لا يكتب، من القاضي، إلا في الأحكام. ثم نظر في الكتاب، ورأى فيه من صرامته في الحق، ما أعجبه. وكان فيه: قد أنفذت الحق كما يجب، وما كان لله، فلا مراء فيه. فسكن عنه ما كان به، ثم قال: نعم، يا أبا علي، من الحاكم. وإن شئت أكتب: من القاضي. فإنك أهل لذلك. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>