لبليغة تنويعا للعبرة وتلوينا للموعظة، واتفاق كل ذلك وتواطئه على الصدق، وبراءته من الاختلاف والتناقض.
٥) أن أحدا لا يستطيع أن يأتى بمثله فيما جاء به من فنون القول وألوان العبر فى أنواع المخلوقات فى الأرض أو فى السموات، فقد تكلم على الخلق والتكوين ووصف جميع الكائنات كالكواكب ونظامها والرياح والبحار والحيوان والنبات وما فيها من الحكم والآيات، وكان فى كل ذلك يؤيد بعضه بعضا لا تفاوت فيه، ولا اختلاف بين معانيه.
٦) أنه أخبر عن عالم الغيب والدار الآخرة وما فيها من الحساب على الأعمال والجزاء العادل، وكان فى كل ذلك جاريا على سنة الله تعالى فى تأثير الأعمال الاختيارية فى الأرواح، مع الالتئام بين الآيات الكثيرة، وهو غاية الغايات فى ذلك عند من أوتى الحكمة وفصل الخطاب.
هذا إلى أنه نزل منجما بحسب الوقائع والأحوال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية أو الآيات يأمر بأن توضع فى محلها من سورة كذا، وهو يحفظه حفظا، وقد جرت العادة بأن من يأتى بكلام من عنده فى مناسبات مختلفة لا يتذكر جميع ما سبق له فى السنين الطوال ولا يستحضره حتى يجعل الآخر موافقا للأول مع أن بعض الآيات كان ينزل فى أيام المحن والكروب، وبعضها عند تنازع الأقوام حين الخصام.
إلى أنّ كر الغداة ومر العشى لا يزيده إلا جدّة، ولا يزيد أحكامه إلا ثباتا ورسوخا، وكلما اتسعت دائرة العلوم والمعارف ونمت أحوال العمران زاد إيمان الناس به، إذ تتوثق روابط الصلة بين الدين والعلم وتتظاهر أحكامه مع نواميس الاجتماع وشؤون الكون.
والخلاصة- إن تدبر القرآن وتأمل ما امتاز به هو طريق الهداية القويم، وصراط الحق المستقيم، فإنه يرشد إلى كونه من عند الله، وإلى وجوب الاهتداء به،