إذ به التواضع واللين، وأصل ذلك أن الطائر إذا أراد أن يضم فرخه إليه بسط جناحه له، والجناحان من الإنسان: جانباه، والنذير: المخوّف بعقاب الله من لم يؤمن به، وعضين: أي أجزاء واحدها غضة من عضيت الشاة جعلتها أعضاء وأقساما، فاصدع بما تؤمر: أي اجهر به من صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا، يضيق صدرك: أي ينقبض من الحسرة والحزن، والساجدين: أي للمصلّين، واليقين: الموت وسمى به لأنه أمر متيقن لا شك فيه.
[المعنى الجملي]
بعد أن أمر رسوله أن يصبر على أذى قومه، وأن يصفح عنهم الصفح الجميل- أردف ذلك ذكر ما أولاه من النعم، وما أغدق عليه من الإحسان، ليسهل عليه الصفح ويكون فيه سلوة له على احتمال الأذى، فذكر أنه آتاه السبع المثاني- الفاتحة- والقرآن العظيم الجامع لما فيه هدى البشر وصلاحهم فى دنياهم وآخرتهم.
وبعد أن ذكر له تظاهر نعمه عليه، نهاه عن الرغبة فى الدنيا، ومد العينين إليها، يتمنى ما فيها من متاع ونهاه عن الحسرة على الكفار أن لم يؤمنوا بالقرآن وبما جاء به وأمره بالتواضع لفقراء المسلمين، وبإنذار قومه المشركين بتبليغهم ما أمر به الدين وما نهى عنه، بالبيان الكافي، والإعذار الشافي، وبيان عاقبة أمرهم بتحذيرهم أن يحل بهم ما حل بالمقتسمين «اليهود والنصارى» الذين جعلوا القرآن أقساما، فآمنوا بما وافق التوراة وكفروا بما عدا ذلك، ويبين لهم أن ربهم سيسألهم عن جريرة أعمالهم.
ثم أمره أن يعلن ما أمر به من الشرائع، ولا يلتفت إلى لوم المشركين وتثريبهم له، ولا يبال بما سيكون منهم، فالله تعالى كفاه أمر المستهزئين به وأزال كيدهم، وإذا ساوره ضيق الصدر من سماع سفههم واستهزائهم كما هو دأب البشر، فليسبح ربه