قال الأستاذ الإمام: فهذا الطاغية الذي أراد أن يهدم البيت، أرسل الله عليه ما يوصل إليه مادة الجدري أو الحصبة، فأهلكته وأهلكت قومه قبل أن يدخل مكه، وهى نعمة من الله غمر بها أهل حرمه على وثنيتهم، حفظا لبيته حتى يرسل إليه من يحميه بقوة دينه صلى الله عليه وسلم، وإن كانت نقمة من الله حلت بأعدائه أصحاب الفيل الذين أرادوا الاعتداء على البيت بدون جرم اجترمه، ولا ذنب اقترفه.
(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) أي فجعل هؤلاء القوم كعصف وقع فيه الاكال وهو السوس، أو أكلت الدواب بعضه، وتناثر بعضه الآخر من بين أسنانها.
وصلّ ربنا على محمد الذي قصصت عليه ما فيه العبرة لمن ادّكر، وأوحيت إليه ما فيه مزدجر، لمن تدبر واعتبر، إنك أنت العليم الحكيم.
[سورة قريش]
هى مكية، وآياتها أربع، نزلت بعد سورة التين.
ومناسبتها لما قبلها- أن كلا منهما تضمن ذكر نعمة من نعم الله على أهل مكة فالأولى تضمنت إهلاك عدوهم الذي جاء ليهدم بيتهم وهو أساس مجدهم وعزهم والثانية ذكرت نعمة أخرى هى اجتماع أمرهم، والتئام شملهم، ليتمكنوا من الارتحال صيفا وشتاء فى تجارتهم، وجلب الميرة لهم.
ولوثيق الصلة بين السورتين كان أبىّ بن كعب يعتبرهما سورة واحدة، حتى روى عنه أنه لم يفصل بينهما ببسملة.