اختلف المسلمون فى حقيقة النفس أو الروح الذي يحيا به الإنسان وتتحقق وحدة جنسه على اختلاف أصنافه، وأشهر آرائهم فى ذلك: الرأى القائل:
إنها جسم نورانى علوىّ خفيف حىّ متحرك ينفذ فى جوهر الأعضاء، ويسرى فيها سريان الماء فى الورد والنار فى الفحم، فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار التي تفيض عليها من هذا الجسم اللطيف، وجد الحسّ والحركة الإرادية والفكر وغيرها، وإذا فسدت هذه الأعضاء، وعجزت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح.
ومما يثبت ذلك أن العقل والحفظ والتذكر وهى أمور ثابتة قطعا- ليست من صفات هذا الجسد، فلابد لها من منشأ وجودى عبر عنه الأقدمون بالنفس أو الروح وما مثلها إلا مثل الكهرباء، فالماديون الذين يقولون لا روح إلا هذه الحياة، يكون مثل الجسد عندهم مثل المستودع الكهربائى، فهو بوضعه الخاص، وبما يودع فيه من الموادّ تتولد فيه الكهرباء، فإذا زال شىء مما أودع فيه، أو أزيل تركيبه الخاص فقد الكهرباء، وهكذا حال الجسم تتولد فيه الحياة بتركيب مزاجه بكيفية خاصة، وبزوالها تزول الحياة، والذين يقولون إن للأرواح استقلالا عن الجسد، يكون مثل الجسد مثل الآلة التي تدار بكهرباء تأتى إليها من المولّد الكهربائى، فإذا كانت الآلة على وضع خاص فى أجزائها وأدوانها كانت مستعدة لقبول الكهرباء التي توجه إليها حتى تؤدى وظيفتها، وإن فقدت منها بعض الأجزاء الرئيسية، أو اختل وضعها الخاص تصبح غير قابلة للكهرباء، ومن ثم لا تؤدى وظيفتها الخاصة بها.
(وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) أي وخلق لتلك النفس التي هى آدم زوجا منها وهى حواء، قالوا إنه خلقها من ضلعه الأيسر وهو نائم، وقد صرح بهذا فى الفصل الثاني من سفر التكوين وورد فى بعض الأحاديث، فقد روى البخاري قوله صلى الله عليه وسلم