للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى العواقب، لعله يرعوى عن غيه ويهتدى إلى سبيل رشده، عقّب ذلك بذكر حال الكتاب الكريم وعظيم فضله وجليل منفعته، وأنه حجة الله على البشر كافة، وأنه أزاح به علل الكفار وأبطل معاذيرهم، ثم بذكر حال المكذبين وما يكون منهم يوم القيامة من الندم والحسرة وتمنى العودة إلى الدنيا لإصلاح أعمالهم.

[الإيضاح]

(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ، هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي ولقد جئنا هؤلاء القوم بكتاب كامل البيان وهو القرآن، فصلنا آياته تفصيلا على علم منا بما يحتاج إليه المكلفون من العلم والعمل، تزكية لنفوسهم وتطهيرا لقلوبهم، وجعلناه سبب سعادتهم فى معاشهم ومعادهم، وهدى ورحمة لمن يؤمن به إيمانا يبعثه على العمل بما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه.

انظر إليه تجده قد أوضح أصول الدين العامة بما لا يطلب معه زيادة لمستزيد، فنعى على المقلدين الأخذ بآراء من تقدمهم من آبائهم ورؤسائهم دون بحث ولا تمحيص فى مثل قوله: «إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ» وكرر القول ببطلان التقليد وضلال المقلدين، وحث على النظر والاستدلال والاعتماد على البرهان فى مثل قوله: «قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» وبهذا كان الإسلام دين العقل والفطرة، وينبوع الهدى والحكمة والرحمة.

وحين وجد الناس افتنّوا فى الشرك، وفرقوا بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية فظنوا أن الإيمان بوحدة الرب خالق الكون- كاف فى الإيمان ولا يضر التوجه إلى غيره من المقربين بالدعاء وطلب ما يعجز المرء عن نيله من طريق الأسباب، ظنا منهم أن التوسل به إليه وشفاعته عنده مما يرضيه- أبطل هذه الشبهات، وأزال هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>