للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن ذكر سبحانه أن المؤمنين يزيدهم القرآن هدى وبشرى، إذ هم به يستمسكون ويؤدون ما شرع من الأحكام على أتم الوجوه- أردف هذا ببيان أن من لا يؤمن بالآخرة يركب رأسه، ويتمادى فى غيه، ويعرض عن القرآن أشد الإعراض، ومن ثم تراه حائرا مترددا فى ضلاله، فهو فى عذاب شديد فى دنياه لتبلبله، وقلقه واضطراب نفسه، وفى الآخرة له أشد الخسران، لما يلحقه من النكال والوبال والحرمان من الثواب والنعيم الذي يتمتع به المؤمنون.

[الإيضاح]

(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) أي إن الذين لا يصدقون بالآخرة وقيام الساعة والمعاد إلى الله بعد الموت، وبالثواب والعقاب- حبّبنا إليهم قبيح أعمالهم، ومددنا لهم فى غيهم، فهم فى ضلالهم حيارى تائهون، يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لا يفكرون فى عقبى أمرهم، ولا ينظرون إلى ما يئول إليه سلوكهم.

قال الزجاج: أي جعلنا جزاءهم على كفرهم أن زينا لهم ما هم فيه بأن جعلناه مشتهى بالطبع، محبوبا إلى النفس.

(أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) فى الدنيا بقتلهم وأسرهم حين قتال المؤمنين كما حدث يوم بدر.

(وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أي وهم فى الآخرة أعظم خسرانا مما هم فيه فى الدنيا، لأن عذابهم فيها مستمر لا ينقطع، وعذابهم فى الدنيا ليس بدائم بل هو زائل لا بقاء له.

<<  <  ج: ص:  >  >>