لقف الشيء وتلقفه: تناوله بحذق وسرعة، والمأفوك: المصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه، ومن ثم يقال للرياح التي عدلت عن مهابها مؤتفكة كما قال:
«وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ» وقال: «قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» أي يصرفون عن الحق فى الاعتقاد إلى الباطل، وعن الصدق فى المقال إلى الكذب، وعن الجميل فى الفعل إلى القبيح، فالإفك يكون بالقول كالكذب وقد يكون بالفعل كعمل سحرة فرعون، وانقلبوا عادوا، وصاغرين أي أذلة بما رزئوا به من الخذلان والخيبة، وألقى السحرة ساجدين: أي خرّوا سجدا لأن الحق بهرهم واضطرهم إلى السجود.
[الإيضاح]
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) أي أوحى الله إلى عبده ورسوله موسى عليه السلام فى ذلك الموقف العظيم الذي قرن فيه بين الحق والباطل- أن يلقى ما فى يمينه وهى عصاه فإذا هى تبتلع ما يلقون ويوهمون به أنه حق وهو باطل- قال ابن عباس فجعلت لا تمرّ بشىء من حبالهم ولا خشبهم إلا التقمته، فعرفت السحرة أن هذا شىء من السماء وليس بسحر فخروا سجدا و «قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ» .
ويرى جماعة من المفسرين أن لقفها لما يأفكون- هو أنها أتت عليه حتى أظهرت بطلانه وبيان حقيقة أمره فى نفسه بسرعة، فإن كان إفكهم بما أحدثوه من التأثير فى الأعين فلقفها إياه إزالته وإبطاله برؤية الحبال والعصىّ على حقيقتها، وإن كان تحريكا لها بمحركات خفية سريعة فكذلك وإن كان قد حصل بجعلها مجوفة محشوّة