العباد العارضة مدة حياتهم الدنيا، وقد زال كل ذلك بزوال عالم الدنيا وبقي المولى الحق وحده.
ثم بين أن ردهم إليه ليحكم بينهم بقضائه العدل فقال:
(أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) أي له الحكم وحده ليس لغيره منه شىء فى ذلك اليوم كما قال «إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ» وقال «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ» وقال «قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» وسرعة حسابه- أنه يحاسب العباد كلهم فى أسرع زمن وأقصره، لا يشغله حساب أحد عن حساب غيره، ولا يشغله شأن عن شأن.
والخلاصة- إنه تعالى أسرع الحاسبين إحصاء للأعمال ومحاسبة عليها.
ظلمات البر والبحر: ضربان، ظلمات حسية كظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة المطر، وظلمات معنوية كظلمة الجهل بالمسالك والطرق، وظلمة فقد الأعلام والمنار، وظلمة الشدائد والأخطار كالعواصف والأعاصير وهياج البحار، إلى نحو ذلك من الشدائد التي تبطل الحواس وتدهش العقول، قال الزجاج: العرب تقول لليوم الذي فيه شدة: يوم مظلم ويوم ذو كواكب أي إنه قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل فى ظلمته، وفى المثل: رأى الكواكب ظهرا، أي أظلم عليه يومه لا شتداد الأمر فيه