وقد اختلف العلماء فى الوزن والموازين، هل المراد بها ظهور العدل التام فى تقدير الجزاء على الأعمال التي تصلح الأنفس وتزكيها أو تفسدها وتدسّيها بذلك قال مجاهد والضحاك والأعمش، أو أن هناك وزنا حقيقيا حكمته إظهار علم الله تعالى بأعمال عباده وعدله فى جزائهم عليها، وبهذا قال الجمهور. قال أبو إسحاق الزجاج: أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفّتان ويميل بالأعمال.
وقال القرطبي: التي توزن هى الصحائف التي تكتب فيها الأعمال.
والحق أن التي توزن هى الأعمال
فقد أخرج أبو داود والترمذي عن جابر مرفوعا:«توضع الموازين يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال حبة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال حبة دخل النار، قيل ومن استوت حسناته وسيئاته؟ قال أولئك أصحاب الأعراف» .
والذي عليه المعول فى الإيمان بعالم الغيب: أن كل ما ثبت من أخباره فى الكتاب والسنة فهو حق لا ريب فيه، فنؤمن به ولا نحكّم رأينا فى كيفيته، فنؤمن بأن فى الآخرة وزنا للأعمال بميزان يليق بعالم الآخرة توزن به الأعمال والإيمان والأخلاق، ولا نبحث عن صورته وكيفيته.
وإذا كان العلم الحديث كشف موازين للحر والبرد واتجاه الرياح والأمطار، أفيعجز القادر على كل شىء عن وضع موازين للأعمال النفسية والبدنية التي سماها الدين الحسنات والسيئات، بما تحدثه فى الأنفس من الأخلاق والصفات الثابتة فيها؟