للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً»

وحاجوك: جادلوك، وأسلمت: أي أخلصت، والأميون مشركو العرب واحدهم أمي نسبوا إلى الأم لجهلهم كأنهم على الفطرة، البلاغ: أي التبليغ للناس.

[المعنى الجملي]

بعد أن بين سبحانه جزاء المتقين، وشرح أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء- ذكر هنا أصول الإيمان وأسسه.

[الإيضاح]

(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ) أي بيّن سبحانه وحدانيته بنصب الدلائل التكوينية في الآفاق والأنفس، وإنزال الآيات التشريعية الناطقة بذلك، والملائكة أخبروا الرسل بهذا وشهدوا شهادة مؤيدة بعلم ضرورى وهو عند الأنبياء أقوى من جميع اليقينيات، وأولو العلم أخبروا بذلك وبيّنوه وشهدوا به شهادة مقرونة بالدلائل والحجج، لأن العالم بالشيء لا تعوزه الحجة عليه.

وقوله بالقسط أي بالعدل في الاعتقاد، فالتوحيد هو الوسط بين إنكار الإله والشرك به، والعدل في العبادات والآداب والأعمال، فعدل بين القوى الروحية والبدنية، فأمر بشكره في الصلاة وغيرها لترقية الروح وتزكية النفس، وأباح كثيرا من الطيبات لحفظ البدن وتربيته، ونهى عن الغلوّ في الدين والإسراف في حب الدنيا وبالعدل في الأحكام في نحو قوله: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ» وقوله «وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» .

كما جعل سنن الخليقة قائمة على أساس العدل، فمن نظر في هذه السنن ونظمها الدقيقة تجلى له عدل الله فيها على أتم ما يكون وأوضحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>