للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ) أي وما ينبغى لبشر من بنى آدم أن يكلمه ربه إلا بإحدى طرق ثلاث:

(١) (إِلَّا وَحْياً) أي إلا أن يوحى إليه وحيا أي يكلمه كلاما خفيا بغير واسطة بأن يقذف فى روع النبي شيئا لا يتمارى فيه أنه من الله عز وجل كما

روى ابن حبان فى صحيحه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن روح القدس نفث فى روعى:

إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب» .

(٢) (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) أي أو إلا من طريق لا يرى السامع المتكلم جهرة مع سماعه للكلام كما كلم موسى عليه السلام ربه.

(٣) (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) أي أو يرسل الله من ملائكته رسولا إما جبريل أو غيره فيوحى ذلك الرسول إلى المرسل إليه ما يشاء ربه أن يوحيه إليه من أمر ونهى كما كان جبريل عليه السلام ينزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى غيره من الأنبياء.

روى البخاري فى صحيحه عن عائشة رضى الله عنها أن الحرث بن هشام رضى الله عنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا رسول الله كيف يأتيك الوحى؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده علىّ فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول» قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد (يسيل) عرقا» .

(إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) أي إنه علىّ عن صفات المخلوقين يفعل ما تقتضيه حكمته، فيكلمه تارة بواسطة، وتارة بغير واسطة إما إلهاما وإما خطابا من وراء حجاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>