الفند وهو فساد الرأى وضعف العقل والخرف من الكبر، فى ضلالك: أي فى خطئك أو فى إفراطك فى حبه والإصرار على اللهج به، وارتد: أي رجع.
[الإيضاح]
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ) أي ولما انفصلت عير بنى يعقوب عن حدود مصر قافلة إلى أرض الشام، قال أبو هم لمن حضره من حفدته ومن غيرهم: إنى لأشمّ رائحة يوسف كما عرفتها فى صغره، لولا أن تنسبونى إلى ضعف الرأى وفساد العقل وخرف الكبر، لصدقتمونى فى أنى أجد رائحته حقيقة، وأنه حى قد قرب موعد لقائه وبالتمتع برؤيته.
وروى عن ابن عباس أنه لما خرجت العير هاجت ريح فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف، قال «إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ» فوجد ريحه من ثمانية أيام، وفى رواية من ثمانين فرسخا، والمراد من مسافات بعيدة جدا.
(قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) أي قال حاضرو مجلسه: تالله إنك لفى خطئك الذي طال أمده باعتقادك أن يوسف حى يرحى لقاؤه وقد قرب.
ولا غرو فللخلىّ أن يقول فى الشجىّ ما شاء، فأذنه عن العذل صماء:
سلوتى عنكم احتمال بعيد ... وافتضاحى بكم ضلال قديم
كل من يدّعى المحبة فيكم ... ثم يخشى الملام فهو مليم
قال قتادة فى تفسيرها:«تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ» أي من حب يوسف لا تنساه ولا تسلوه اه، قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغى لهم أن يقولوها له.
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) أي فلما جاء البشير وهو ابنه يهوذا الذي يحمل القميص من يوسف- وهو الذي حمل إليه قميصه الملطّخ بالدم الكذب ليمحو السيئة بالحسنة- ألقاه على وجه يعقوب فعاد من فوره بصيرا كما كان، بل قد قيل إنه عادت إليه سائر قواه، وليس ذلك بعجيب ولا منكر، فكثيرا ما شفى