أما كنا معكم فى الدار الدنيا نصلى معكم الجماعات، ونقف معكم بعرفات، ونحضر معكم الغزوات، ونؤدى معكم سائر الواجبات؟ فيجيبهم المؤمنون قائلين لهم: بلى كنتم معنا، ولكنكم أهلكتم أنفسكم باللذات والمعاصي، وأخرتم التوبة، وشككتم فى أمر البعث بعد الموت، وغرتكم الأمانى، فقلتم سيغفر لنا، وما زلتم كذلك حتى حضركم الموت، وغركم الشيطان فقال لكم: إن الله عفوّ كريم لا يعذبكم.
والخلاصة- إنكم كنتم معنا بأبدانكم لا بقلوبكم، وكنتم فى حيرة من أمركم، فلا تذكرون الله إلا قليلا.
ثم أيأسوهم من عاقبة أمرهم، وأنهم هالكون لا محالة ولا سبيل إلى الخلاص من النار فقال:
(فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي فاليوم لو جاء أحدكم بملء الأرض ذهبا ومثله معه ليفتدى به من عذاب الله ما قبل منه، فمصيركم إلى النار، وإليها متقلبكم ومثواكم، وهى أولى بكم من كل منزل آخر، لكفركم وارتيابكم، وساءت مصيرا ومآلا.
والخلاصة- إنه لا مناص من النار، فلا فداء ولا فكاك منها.
ألم يأن: ألم يجىء وقت ذلك من قولهم أنى الأمر أنيا وأناء وإناء إذا جاء أناه أي وقته، والخشوع: الخشية والخوف، وذكر الله: مواعظه، والحق: هو القرآن، والذين أوتوا الكتاب: هم اليهود والنصارى، والأمد: الزمان، وطال عليهم الأمد: