للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو صدهم عن دعوة الرسول صلّى الله عليه وسلم بقولهم في القرآن: إنه إفك مفترى، وإنه سحر واضح لا شك فيه، وقد كان فيما حلّ بالأمم قبلهم مزدجر لهم لو أرادوا، فقد بلغوا من القوة ما بلغوا، وحين أرسل إليهم الرسل كذبوهم فأخذوا أخذ عزيز مقتدر، ثم أنذرهم سوء عاقبة ما هم فيه وأوصاهم بأن يشمّروا عن ساعد الجدّ طلبا للحق متفرقين اثنين وواحدا واحدا ثم يتفكروا ليعلموا أن صاحبهم ليس بالمجنون، بل هو نذير لهم يخوّفهم بأس الله وعذابه الشديد يوم القيامة، وقد كان لهم من حاله ما يرغبهم فى دعوته، فهو لا يطلب منهم أجرا ولا يريد منهم جزاء، وإنما مثوبته عند ربه المطّلع على كل شىء ثم أبان لهم أن الحق قد وضح، وجاءت أعلام الشريعة كفلق الصبح نورا وضياء، ولا بقاء للباطل ولا قرار له إذا ظهر نور الحق «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً، وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ» .

[الإيضاح]

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) أي وإذا تتلى على المشركين آيات الكتاب الكريم دالة على التوحيد وبطلان الشرك، قالوا إن هذا الرجل يريد أن يلفتكم عن الدين الحق دين الآباء والأجداد، ليجعلكم من أتباعه دون أن يكون له حجة على ما يدّعى، وبرهان يدل على صحة ما يسلك من سبيل.

ثم زادوا إنكارهم توكيدا وأيأسوا الرسول من الطمع في إيمانهم.

(وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) أي وقالوا إن القرآن الذي يدّعى محمد أنه وحي من عند ربه- كذب مختلق من عنده، وقد نسبه إلى ربه ترويجا للدعوة، واجتلابا لقلوب الكافة.

ثم شددوا في الإنكار فجعلوه سحرا بيّنا لا شك فيه عندهم كما حكى عنهم بقوله:

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي وقال المشركون

<<  <  ج: ص:  >  >>