للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هى قد تنقاد لصاحبها الذي يتعهّدها، وتعرف من يحسن إليها ومن يسىء، وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها، وتهتدى لمراعيها ومشاربها، وتأوى إلى معاطنها ومرابضها، لكن هؤلاء لا ينقادون لخالقهم ورازقهم، ولا يعرفون إحسانه إليهم وإساءة الشيطان لهم، وهو الذي قد زين لهم اتباع الشهوات- إلى أنهم لا يرجون ثوابا، ولا يخافون عقابا، إلى أن جهالة الأنعام مقصورة عليها، وجهالة هؤلاء تؤدى إلى وقوع الفتنة والفساد، وصدّ الناس عن سنن السّداد، ووقوع الهرج والمرج بين العباد، إلى أن البهائم إذ لم تعقل صحة التوحيد والنبوة لم تعتقد بطلان ذلك، بخلاف هؤلاء فإنهم اعتقدوا البطلان عنادا ومكابرة وتعصبا وغمطا للحق، إلى أنها لم تعطّل قوة من القوى المودعة فيها، فلا تقصير من قبلها عن الكمال، أما هؤلاء فهم مبطلون لقواهم العقلية مضيعون للفطرة التي فطر الله الناس عليها، وقد قالوا الملائكة روح وعقل، والبهائم نفس وهوى، والبشر مجمع الكل للابتلاء والاختبار، فإن غلبته النفس والهوى فضلته الأنعام، وإن غلبته الروح والعقل فضل الملائكة الكرام.

وتخصيص الأكثر بالذكر، لأنه قد كان منهم من آمن، ومنهم من عقل الحق وكابر، استكبارا وخوفا على الرياسة.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤٥ الى ٥٤]

أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (٤٥) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (٤٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً (٤٧) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً (٤٩)

وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٥٠) وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (٥١) فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً (٥٢) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>