وعلى هذا النحو جرى عمل الممالك الكبيرة فى هذا العصر، فكل دولة منها تبذل منتهى ما فى وسعها من اتخاذ العدّة والعتاد فى البر والبحر وتنظيم الجيوش لتكون القوى بينها متوازنة ولا تطمع القوية فى الضعيفة، إذ يغريها ضعفها بالإقدام على حربها (وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا) أي لا تخافوا بأس هؤلاء الكافرين وشدتهم ولا يصدنكم ذلك عن طاعة الرسول والعمل بتحريضه، فإن الله الذي وعد الرسول بالنصر أشد منهم بأسا وأشد منهم تنكيلا، وقد جرت سنته أن تكون العاقبة للمتقين ما استمسكوا بأوامره وتركوا نواهيه وأعدوا العدّة مع الصبر والثبات والتباعد عن أسباب الخذلان والفشل.
قال الراغب: الشفع ضم الشيء إلى مثله، والشفاعة: الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه، نصيب: حظ، كفل: نصيب، مقيتا: أي مقتدرا أو حافظا أو شاهدا.
قال الراغب: وحقيقته قائما عليه يحفظه ويعينه، فهو مأخوذ من القوت وهو ما يمسك الرمق من الرزق وتحفظ به الحياة، يقال قاته يقوته إذا أطعمه قوته، وأقاته يقيته إذا جعل له ما يقوته، والتحية: مصدر حيّاه إذا قال له حيّاك الله، وهى فى الأصل الدعاء بالحياة ثم صار اسما لكل دعاء وثناء كقولهم: أنعم صباحا وأنعم مساء، وعم صباحا