يجدر بذوي الحصافة في الرأى أن ينظروا إلى الأسباب التي دعت أن يبيح الإسلام تعدد الزوجات دون أن ينقموا عليه ذلك، ويرموه بالقسوة، فإن في بعضها ما هو موجب للتعدد لا مجيز له فحسب.
وهاك أهم الأسباب:
(١) قد تصاب المرأة أحيانا بمرض مزمن أو مرض معد يجعلها غير قادرة على القيام بالواجبات الزوجية، فيضطر الرجل إلى أن يقترف ما ينافي الشرف والمروءة ويغضب الله ورسوله إن لم يبح له أن يتزوج بأخرى.
(٢) دل الاستقراء على أن عدد النساء يربو على عدد الرجال، لما يعانيه هؤلاء من الأعمال الشاقة التي تنهك القوى وتضوى الأجسام، ولا سيما الحروب الطاحنة، فإذا منع التعدد لا يجد بعض النساء أزواجا يحصنونهن ويقومون بشئونهن، فيكثر الفساد، ويلحق الأسر العار وتعضهن الحياة بأنيابها.
(٣) حضت الشريعة الإسلامية على كثرة النسل، لتقوى شوكة الإسلام، وتعلو سطوته، وتنفذ كلمته، حتى ترهبه الأعداء، وتتقيه الأمم المناوئة له، ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا بإباحة تعدد الزوجات، لأن المنع مفض إلى تناقص النسل، ولا أدل على ذلك من أن عقلاء الأمم في الغرب أشفقوا على أممهم لما اعتراها من نقص في النسل بسبب منع التعدد من ناحية، وإحجام كثير من شبانهم عن الزواج، والاجتزاء بالسفاح، فرارا من الحقوق الزوجية، وأعباء الأولاد من ناحية أخرى، ومن ثم لجأ كثير من الدول الغربية إلى ارتباط بعضهم ببعض بالحلف والعهود والمواثيق، طلبا لنيل فائدة التكاثر، وبذلك تبقى لهم السيادة الدولية.