المستقيمة، التي لا تطيع الهوى ولا يغلبها الوهم، فتختار خير الأمرين في دينها ودنياها.
روى أن هاتين الآيتين نزلتا في ثلاثة نفر: زيد بن عمرو وأبى ذر الغفاري وسلمان الفارسي، كانوا في الجاهلية يقولون «لا إله إلا الله» .
ثم بين أضداد المذكورين أولا وسجل عليهم الحرمان من الهداية فقال:
(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ؟ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ؟) أي أأنت مالك شئون الناس ومصرّف أمورهم، فمن حقت عليه كلمة العذاب لعدم أهليته للكمال وتدسيته نفسه بولوغها في الآثام والمعاصي- فأنت تنقذ من النار؟ - كلا، ليس أمرهم إليك بل أمرهم إلى ربهم يجازيهم بحكمته وعدله.
ثم أعاد جزاء المتقين عناية بأمرهم بعد ذكر أضدادهم فقال:
(لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي لكن الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه، واجتناب محارمه، لهم في الجنة غرف طباق فوق طباق، مبنيات محكمات تجرى الأنهار خلال أشجارها.
ثم أكد حصول ذلك لهم فقال:
(وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ) أي وعد الله هؤلاء المتقين بذلك، ووعده الحق، فهو لا يخلف ما وعدهم، بل يفى بوعده.