ببطن مكة، يعنى بالحديبية، أظفركم عليهم: أي على كلمته وجعلكم ذوى غلبة عليهم، فإن عكرمة بن أبى جهل خرج فى خمسمائة إلى الحديبية فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد على جند فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد.
[المعنى الجملي]
بعد أن وعدهم فيما سلف بمغانم خيبر- أردف ذلك بيان أن ما آتاهم من الفتح والمغانم ليس هو الثواب وحده، بل الجزاء أمامهم، وإنما عجل لهم هذه لتكون علامة على صدق رسوله صلّى الله عليه وسلّم وحياطته له، وحراسته للمؤمنين وليثبتكم على الإسلام، وليزيدكم بصيرة، وسيؤتيكم مغانم أخرى من فارس والروم وغيرهما ما كنتم تقدرون عليها لولا الإسلام، فقد كانت بلاد العرب شبه مستعمرات لهذه الدول فأقدرهم الله عليها بعز الإسلام.
ثم ذكر أنه لو قاتلكم أهل مكة ولم يصالحوكم لانهزموا ولم يجدوا وليّا ولا نصيرا يدافع عنهم، وتلك هى سنة الله من غلبة المؤمنين، وخذلان الكافرين، ثم امتنّ على عباده المؤمنين بأنه كفّ أيدى المشركين عنهم، فلم يصل إليهم منهم سوء، وكف أيدى المؤمنين من المشركين فلم يقاتلوهم عند المسجد الحرام، فصان كلّا من الفريقين عن الآخر، وأوجد صلحا فيه خيرة للمؤمنين، وعافية لهم فى الدنيا والآخرة
[الإيضاح]
(وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها، فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ، وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) أي وعدكم الله مغانم كثيرة من غنائم أهل الشرك إلى يوم القيامة، ولكن عجل لكم مغانم خيبر، وكف أيدى اليهود عن