التنزيل، والقسيسون: واحدهم قسيس، وقسوس، واحدهم قسّ: وهو الرئيس الديني فوق الشماس ودون الأسقف، والأصل فى القسيسين أن يكونوا من أهل العلم بدينهم وكتبهم، لأنهم رعاة ومفتون، والرهبان، واحدهم راهب: وهو المتبتّل المنقطع فى دير أو صومعة للعبادة وحرمان النفس من التنعيم بالزوج والولد ولذات الطعام والزينة، وذكر القسيسين والرهبان للجمع بين العبّاد والعلماء، تفيض من الدمع: أي تمتلىء دمعا حتى يتدفق من جوانبها لكثرته، مع الشاهدين: أي مع الذين يشهدون بحقية نبيك صلى الله عليه وسلم وكتابك، الإثابة: المجازاة، وقوله بما قالوا: أي بما قالوه عن اعتقاد.
[المعنى الجملي]
بعد أن حاجّ سبحانه وتعالى أهل الكتاب، وذكر من مخازيهم أنهم اتخذوا الدين الإسلامى هزوا ولعبا، وأن اليهود منهم قالوا: يد الله مغلولة، وأنهم قتلوا رسلهم تارة وكذبوهم أخرى، وأن النصارى منهم اعتقدوا عقائد زائفة فمنهم من قال المسيح ابن الله، ومنهم من قال إن الله ثالث ثلاثة، وقد عابهم على ذلك وكرّ عليهم بالحجة إثر الحجة لتفنيد ما كانوا يعتقدون.
ذكر هنا أحوالهم في عداوتهم للمؤمنين ومحبتهم لهم ومقدار تلك المحبة والعداوة، وبين حال المشركين مع المؤمنين بالتبع لهم.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى قال: بعث النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنى عشر رجلا، سبعة قسيسين وخمسة رهبانا ينظرون إليه ويسألونه فلما لقوه وقرأ عليهم ما أنزل الله بكوا وآمنوا. وأنزل الله فيهم «وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ» الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة يخاف على أصحابه من المشركين فبعث جعفر ابن أبي طالب وابن مسعود وعثمان بن مظعون فى رهط من أصحابه إلى النجاشي ملك الحبشة فلما بلغ