للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعد العدة ويأخذ الأهبة لتنفيذ التدابير التي بقي بها البلاد من خطر المجاعة التي جاءت فى تأويل رؤياه للملك، وكان من ذلك أن بنى الأهراء العظيمة وخزن فيها الحبوب التي استكثر منها مدة سنى الخصب السبع الأولى، فلما جاءت السبع الشداد وعم القحط مصر وغيرها من الأقطار القريبة منها ولا سيما أقربها إليها وهى فلسطين من بلاد الشام، واشتهر لدى أهلها ما فعله يوسف فى مصر من حسن التدبير حتى كثرت فيها الغلال وأصبح يبيع ما زاد على حاجة أهلها للأقطار المجاورة لها أمر يعقوب عليه السلام أولاده أن يرحلوا إلى مصر ويأخذوا معهم ما يوجد فى بلادهم من بضاعة ونقد فضة ويشتروا به قمحا لأن المجاعة أو شكت أن تقضى عليهم فنفّذوا ما أراد وكان بينهم وبين يوسف ما قصه الله علينا في كتابه الكريم.

[الإيضاح]

(جاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) ممتارين حين أصاب أرض كنعان وبلاد الشام ما أصاب مصر، وكان قد حل بآل يعقوب ما حل بأهلها فدعا أبناءه ما عدا بنيامين فقال لهم يا بنى قد بلغني أن بمصر ملكا صالحا يبيع الطعام فتجهزوا إليه واقصدوه واشتروا منه ما تحتاجون إليه فخرجوا حتى قدموا مصر.

(فَدَخَلُوا عَلَيْهِ) وهو فى مجلس ولايته، لأن أمر الميرة وشراء الغلال كان بيده ورهن أمره.

(فَعَرَفَهُمْ) حين دخلوا عليه بلا تردد، إذ كان عددهم وشكلهم وزيّهم لا يزال عالقا بخياله لنشوئه بينهم ولا سيما ما قاساه منهم فى آخر عهده بهم، وربما كان عمال يوسف وعبيده قد سألوهم عن أمرهم قبل أن يدخلوهم عليه وأخبروه بأوصافهم والبيئة التي رحلوا منها.

(وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) لنسيانهم له بطول العهد، وتغير شكله بدخوله فى سن الكهولة ولما كان عليه من عظمة الملك وزيّه وشارته، وما كان من حاجتهم إلى برّه وعطفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>