(وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا) أي وكما أنزلنا ما ذكر من الوعد والوعيد وأحوال يوم القيامة وأهوالها- أنزلنا القرآن كله بأسلوب عربى مبين، ليتفهمه العرب الذين نزل عليهم، ويتفقهوا بدراسته، ويسعدوا بالعمل بما حواه مما فيه سعادة البشر فى دنياهم وآخرتهم.
(وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا) أي وخوفناهم فيه بضروب من الوعيد، كى يجتنبوا الشرك والوقوع فى المعاصي والآثام، أو يحدث لهم عظة تدعوهم إلى فعل الطاعات.
وخلاصة ذلك- إنهم بدراستهم إما أن يصلوا إلى مرتبة هى ترك المعاصي والوقوع فى الآثام، وإما أن يرتقوا إلى مرتبة هى فوق ذلك، وهى أن يفعلوا الطاعات ويؤدوا الفرائض والواجبات.
وبعد أن عظم الله كتابه أردفه بتعظيم نفسه فقال:
(فتعالى الله الملك الحق) أي تقدس الله المتصرف بالأمر والنهى، الحقيق بأن يرجى وعده، ويخشى وعيده، وهو الثابت الذي لا يزول ولا يتغير- من ألا يكون إنزال القرآن على من أنزل عليهم مؤديا إلى الغاية التي أنزل لأجلها وهى تركهم للمعاصى وفعلهم للطاعات.
ولا يخفى ما فى هذا من طلب الإقبال على دراسة القرآن وبيان أن قوارعه وزواجره سياسات إلهية، فيها صلاح الدارين، لا يحيد عنها إلا من خذله الله، وأن ما تضمنه من الوعد والوعيد حق كله، لا يحوم الباطل حول حماه، وأن المحق من أقبل عليه بشراشره، والمبطل من أعرض عن تدبر زواجره.
(ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) أي ولا تعجل بقراءته فى نفسك من قبل أن يتم جبريل تبليغه لك، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم إذا ألقى