وكل من مس فراشها يغسل ثيابه بماء ويستحم ويكون نجسا إلى المساء، وكل من مسّ متاعا تجلس عليه يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء، وإن اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجسا سبعة أيام، وكل فراش يضطجع عليه يكون نجسا- إلى نحو ذلك من الأحكام وللرجل الذي يسيل منه دم نحو هذه الأحكام.
وكان العرب في الجاهلية لا يساكنون الحيّض، ولا يؤاكلونهنّ كما كانت تفعل اليهود والمجوس.
وكانت النصارى تتهاون في أمور الحيض، وكانوا مخالطين للعرب في كثير من المواطن، وقد جرت العادة أن الناس لا يتأثمون في أمور الدين إذا كانت تتعلق بلذاتهم وشهواتهم، وفيها منفعة لهم، وقلما يقفون عند حدود الشرائع، فكان هذا الاختلاف الذي يرونه بين أهل الأديان مدعاة للسؤال عن حكم المحيض في هذه الشريعة
[الإيضاح]
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) أي ويسألونك عن حكم مخالطة النساء زمن الحيض.
(قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) أي أجبهم وقل لهم: هو ضرر وأذى، فاتركوا غشيانهنّ في هذه المدة، والسرّ في هذا التأكيد كبح جماح الرغبة في ملابسة النساء ولو وصلت إلى حد الإيذاء، وقد كان بعض الناس يظن أن الاعتزال ترك القرب الحقيقي، لكن السنة بينت أن المحرّم إنما هو الوقاع فحسب،
فعن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها فى البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ:
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً) الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«اصنعوا كل شىء إلا الجماع» رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.