الأعقاب (العقب مؤخر الرّجل) ورجوع الشخص على عقبه: رجوعه فى طريقه الأولى كما يقال رجع عوده على بدئه، سامرا: أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه، والهجر (بالضم) الهذيان، والجنّة: الجنون، والذكر: القرآن الذي هو فخرهم، عن ذكرهم: أي فخرهم، خرجا: أي جعلا وأجرا، صراط مستقيم: أي طريق لا عوج فيه، لنا كبون: أي عادلون عن طريق الرشاد، يقال نكب عن الطريق: إذا زاغ عنه، لج فى الأمر: تمادى فيه، يعمهون: أي يتحيرون ويترددون فى الضلال، واستكانوا: خضعوا وذلوا، وما يتضرعون: أي يجددون التضرع والخضوع، مبلسون:
أي متحيرون آيسون من كل خير.
[المعنى الجملي]
بعد أن ذكر سبحانه سجاحه هذا الدين، وأنه دين يسر لا عسر، فلا يكلفها النفس إلا ما تطيق، وأن ما يعمله المرء فهو محفوظ فى كتاب لا يبخس منه شيئا ولا يزاد له فيه شىء- أردف هذا بيان أن المشركين فى غفلة عن هذا الذي بيّن فى القرآن، ولهم أعمال سوء أخرى من فنون الكفر والمعاصي، كطعنهم فى القرآن واستهزائهم بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وإيذائهم للمؤمنين، فإذا حل بهم بأسنا يوم القيامة جأروا واستغاثوا، فقلنا لهم لا فائدة فيما تعملون، فقد جاءتكم الآيات والنذر فأعرضتم عنها واتخذتموها هزوا تسمرون بها فى البيت الحرام، وقد كان من حقكم أن تتدبروا القرآن لتعلموا أنه الحق من ربكم، وأن مجىء الكتب إلى الرسل سنة قديمة، فكيف تنكرونها؟ وهل رابكم فى رسولكم شىء حتى تمتنعوا من تصديقه وتقولوا إن به جنة وأنتم تعلمون أنه أرجح الناس عقلا وأثقبهم رأيا- لا- إن الأمر على غير ما تظنون، إنه قد جاءكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون، لما دسّيتم به أنفسكم من الزيغ والانصراف عن سبيل الحق، ولو أجابكم ربكم إلى ما فى أنفسكم من الهوى وشرع الأمور وفق ذلك لفسدت السموات والأرض لفساد أهوائكم واختلافها، وأنتم