من الأرض، والمستودع: حيث كان مودعا قبل الاستقرار فى صلب أو رحم أو بيضة، والعرش: مركز نظام الملك ومصدر التدبير، والبلاء: الاختبار والامتحان، والأمة:
الطائفة أو المدة من الزمن كما قال تعالى:«وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ» وأصلها الجماعة من نوع واحد أو دين واحد أو زمن واحد، مصروفا عنهم: أي مدفوعا ومجبوسا، وحاق:
نزل وأحاط.
[المعنى الجملي]
بعد أن بين فى الآيات السالفة شمول قدرته تعالى لكل شىء وإحاطة علمه بما يسرون وما يعلنون بما فى الصدور- قفى على فى ذلك بذكر ما يهمّ الناس من آثار قدرته ومتعلقات علمه، وهو ما يتعلق بحياتهم وشئونهم المختلفة، ثم بذكر خلقه للعالم كله، ومكان عرشه قبل هذا من ملكه، وبلاء البشر بذلك ليظهر أيّهم أحسن عملا، ثم بعثه إياهم بعد الموت لينالوا جزاء أعمالهم مع إنكار الكفار لذلك وطلب استعجال العذاب الذي أوعدهم به مع بيان أنه واقع بهم لا محالة إن أصرّوا على كفرهم.
[الإيضاح]
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) أي وما من دابة من أي نوع من أنواع الدواب فى الأرض إلا على الله رزقها، لا فرق فى ذلك بين الجنّة (المكروبات) التي لا ترى بالأبصار، وبين ضخام الأجسام، والوسطى بين هذه وتلك، وقد أعطى كلا خلقه المناسب لمعيشته، ثم هداه إلى تحصيل غذائه بالغريزة والفطرة، ولله تعالى حكم فى خلق كل نوع منها، فإن خفى علينا أمر خلق الحيات والسنانير ونحوها، فلنا أن نقول مثلا إنه لولاها لضاقت الأرض بكثرة إحيائها، أو لأنتنت من كثرة أمواتها.
ومعنى كفالته تعالى لرزقها أنه سخره لها وهداها إلى طلبه وتحصيله كما قال:
«رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى» وقد علم بنصوص القرآن وسنن