وعم مساء، وجعل الشارع تحية المسلمين (السلام عليكم) إشارة إلى أن الدين دين سلام وأمان، الحسيب: المحاسب على العمل، كالجليس بمعنى المجالس وقد يراد به المكافئ والكافي، من قولهم: حسبك كذا إذا كان يكفيك.
[المعنى الجملي]
بعد أن أمر الله تعالى نبيه أن يحرض المؤمنين على الجهاد وذكر أنه ليس عليه وزر من تمرد وعصى- بين فى هذه الآية أنهم حين أطاعوك ولبّوا دعوتك أصابهم من هذه الطاعة خير كثير، وأن لك من هذا الخير نصيبا تستحق عليه الأجر، لأنك قد بذلت الجهد فى ترغيبهم فيه بجعل نفسك شفيعا ونصيرا لهم فى الوصول إلى تحصيل هذه الأغراض الشريفة.
[الإيضاح]
(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها) أي من يجعل نفسه شفيعا لك ويناصرك فى القتال- وقد أمرت به وحدك- يكن له من شفاعته نصيب بما يناله من الفوز والشرف والغنيمة فى الدنيا عند ما ينتصر الحق على الباطل، وبما يناله من الثواب فى الآخرة فى جميع الحالات، سواء أدرك النصر فى الدنيا أم لم يدركه.
ووصف الشفاعة بالحسنة لأنها تأييد ونصر للحق، ومثل هذا كل من يعاون فاعل الخير ويساعده.
(وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) أي ومن ينضم إلى عدوك فيقاتل معه أو يخذل المؤمنين عن قتاله يكن له نصيب من سوء العاقبة بما يناله من الخذلان فى الدنيا والعقاب فى الآخرة، وهذه هى الشفاعة السيئة لأنها إعانة على السيئات، وسمى هذا النصيب كفلا، لأنه نصيب مكفول للشافع، إذ هو أثر عمله، أو محدود لأنه على قدره.