الأيام لا مثيل له فى شدته والمراد به الحرب الضروس، الملك: أي التصرف والسلطان، يحكم بينهم: أي يقضى بين فريقى الكافرين والمؤمنين، مهين: أي مذل جزاء استكبارهم عن الحق.
[المعنى الجملي]
بعد أن ذكر فى الآيات السالفة أن قومه قد كذّبوه بوسائل شتى من التكذيب، فقالوا تارة إنه ساحر، وأخرى إنه شاعز، وثالثة إن القرآن أساطير الأولين، ثم سلاه على هذا بأنه ليس بدعا من الرسل، فكثير قبله قد كذّبوا، ثم ذكر أن لعظيم استهزائهم به، وتهكمهم بما يبلّغهم عن ربه- طلبوا منه استعجال العذاب الذي يعدهم به- أردف ذلك بذكر نوع آخر من التكذيب وهو إلقاؤهم الشبه والأوهام فيما يقرؤه على أوليائه من القرآن، ليجادلوه بالباطل ويردّوا ما جاء به من الحق ويكون فى ذلك فتنة لضعاف الإيمان وللكافرين، وليزداد المؤمنون إيمانا ويقينا بأنه الحق من ربهم فتخبت له قلوبهم، وإن هذه حالهم حتى يموتوا أو يأتيهم عذاب لا يبلغ الوصف كنه حقيقته، وعندئذ يحكم الله بين عباده فيدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات النعيم، ويجازى الذين كذبوا بآياته وكانوا فى مرية من رسالة رسوله بالعذاب المهين جزاء وفاقا على تدسية أنفسهم وتدنيسها بزائغ العقائد وسيىء الأعمال وباطلها.
[الإيضاح]
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) أي وما أرسلنا قبلك رسولا ولا نبيا إلا إذا قرأ، ألقى الشيطان على سامعيه وهو يتلو الوحى الذي أنزل إليه- شبهات فيما يقرأ، فيقول قوم إنه سحر، ويقول آخرون إنه نقله الرسول عن بعض الأولين، وهكذا من الأباطيل والترّهات التي يتقوّلونها.