للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى توحيد الله وصفاته بدون دليل عقلى على ما يدّعون، ولا رسول أرسل إليهم بما عنه يناضلون، ولا كتاب أنزل إليهم يؤيد ما يعتقدون، وإذا هم أفحموا بالحجة والسلطان المبين، لم يجدوا جوابا إلا تقليد الآباء والأجداد بنحو قولهم: «إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ» وما ذاك إلا من نزغات الشيطان، والشيطان لا يدعو إلا إلى الضلال الموصّل إلى النار، وبئس القرار.

[الإيضاح]

(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) أي ألم تروا أيها الناس أن الله الذي سخر لكم ما فى السموات من شمس وقمر، ونجوم، تستضيئون بها ليلا ونهارا، وتهتدون بها فى ظلمات البر والبحر، وسحاب ينزل لكم الأمطار لسقى الناس والحيوان والمزارع المختلفة، وما فى الأرض من الدوابّ والأشجار، والمياه والبحار، والسفن والمعادن التي فى باطنها، إلى نحو ذلك من المنافع التي جعلها لغذائكم وأقواتكم، فتتمتعون ببعض ذلك، وتنتفعون بجميع ذلك، وأتمّ عليكم نعمه محسوسة وغير محسوسة.

والخلاصة: إنه تعالى نبّه خلقه إلى ما أنعم به عليهم فى الدنيا والآخرة بأن سخر لهم ما فى السموات وما فى الأرض وأسبغ عليهم من النعم الظاهرة والباطنة، فأرسل الرسل وأنزل الكتب وأزاح الشبه والعلل.

روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس وقد سأله عن هذه الآية:

«الظاهرة: الإسلام وما حسن من خلقك، والباطنة: ما ستر عليك من سيئ عملك»

وقيل: الظاهرة الصحة وكمال الخلق، والباطنة: المعرفة والعقل وقيل: الظاهرة:

ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال، وتوفيق الطاعات، والباطنة: ما يجده المرء فى نفسه من العلم بالله، وحسن اليقين، وما يدفع عن العبد من الآفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>