(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ، فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) أي لقد صدق الله رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم رؤياه التي أراها إياه أنه يدخل هو وأصحابه البيت الحرام آمنين لا يخافون أهل الشرك، محلقا بعضهم ومقصرا بعضهم الآخر، فعلم جل ثناؤه ما لم تعلموا، وذلك هو علمه تعالى بما بمكة من الرجال والنساء المؤمنين الذين لم يعلمهم المؤمنون، ولو دخلوها هذا العام لوطئوهم بالخيل والرّجل، فأصابتهم منهم معرة بغير علم، فردهم الله عن مكة من أجل ذلك، فجعل من دون دخولهم المسجد فتحا قريبا هو صلح الحديبية وفتح خيبر، لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر اليوم الموعود.
ثم أكد صدق الرسول فى الرؤيا بقوله:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) أي هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الإسلام، ليبطل به المثل كلها بنسخ سائر الديانات، وإظهار فساد العقائد الزائفات، حتى لا يكون دين سواه.
ولما كان هذا وعدا لا بد من تحققه أعقبه بقوله:
(وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً) على أن ما وعده من إظهار دينه على جميع الأديان كائن لا محالة.
وفى هذا تسلية له على ما وقع من سهيل بن عمرو، إذ لم يرض بكتابة «محمد رسول الله» وقال ما قال.