بعد أن ذكر عزّ اسمه من يستحقون اللوم والمؤاخذة من المعذّرين، ومن لا سبيل إلى مؤاخذتهم وعدم الحرج عليهم- ذكر فى هذه الآيات ما سيكون من أمر المنافقين الذين تخلفوا فى المدينة وما حولها عن غزوة تبوك مع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودتهم.
[الإيضاح]
(يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ) أي سيعتذر إليكم أيها المؤمنون أولئك الذين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، وهم أغنياء أصحاء لا عذر لهم عن التخلف عن الغزو وغيره من سيئاتهم عند رجوعكم من السفر.
(قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) أي قل لهم أيها الرسول: لا تعتذروا إنا لن نصدّقكم فى معاذيركم أبدا ولن نطمئنّ إليكم.
ثم بين السبب فى عدم تصديقهم فقال:
(قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) أي قد أنبأنا الله بوحيه إلى رسوله بعض أخباركم التي تسرّونها فى ضمائركم وهى مخالفة لظواهركم التي تعتذرون بها، ونبأ الله هو الحق الذي لا شك فيه، ومن عرف الحق لا يقبل الباطل ولا يصدّق الكاذب.
وإنما قال نبأنا ولم يقل نبأنى إيماء إلى أنه أمره أن ينبّىء بذلك أصحابه ولم يكن هذا النبأ خاصا به، كما أن اعتذارهم للجميع يقتضى أن يكونوا كلهم عالمين بما فضحهم الله به، وفى هذا من التشهير بهم والخزي لهم ما لا خفاء فيه.
(وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) أي وسيرى الله عملكم ورسوله فيما بعد، وهو الذي سيدلّ: إما على إصراركم على النفاق أو على التوبة والإنابة إلى ربكم، وأما أقوالكم فلا يعتدّ بها مهما وكدتموها بالأيمان، فإن أنتم تبتم وأنبتم إلى ربكم وشهد لكم عملكم بصلاح طويّتكم، فإن الله يتقبل منكم توبتكم، ويغفر لكم حوبتكم، ويعاملكم