للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول بما يعامل به المؤمنين الذين أخلصوا وصدقوا وشهدت لهم أعمالهم بذلك، وإن أنتم أبيتم إلا الإصرار على النفاق وإلا الاعتماد على رواج سوق الكذب بتلك الأيمان التي تحلفونها فسيعاملكم الرسول بما أمره الله به من جهادكم والإغلاظ عليكم كإخوانكم الكفار المجاهرين.

وفى هذا إيماء إلى الرغبة فى توبتهم حين سنوح الفرصة.

(ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي ثم تردون يوم القيامة إلى عالم الغيب والشهادة الذي يعلم ما تكتمون وما تظهرون، فينبئكم حينئذ بما كنتم تعملون ويجازيكم عليه بما تستحقون وهو ما أوعدكم به فى كتابه الكريم فى هذه السورة وفى غيرها «إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» .

وفى الآية إيماء إلى أنه ينبغى تحامى كل ما يعتذر منه من ذنب أو تقصير،

وقد ورد فى الحديث «إياك وما يعتذر منه» .

ثم أكد ما سبق من نفاقهم بقوله:

(سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) أي سيؤكدون لكم اعتذارهم بما يحلفون به من كاذب الأيمان إذا انقلبتم من سفركم ورجعتم إليهم لتعرضوا عن العتب عليهم والتوبيخ لهم على قعودهم مع الخالفين من العجزة والنساء والأطفال وعلى البخل بالنفقة والمال.

(فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) أي فأعرضوا عنهم إعراض الإهانة والتحقير، لا إعراض الصفح وقبول العذر. روى مقاتل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين قدم المدينة «لا تجالسوهم ولا تكلموهم» .

ثم علل هذا بقوله:

(إِنَّهُمْ رِجْسٌ) أي إن فى نفوسهم قدرا معنويا يجب الاحتراس منه خوف سريان عدواه، وميل النفوس إليه، كما يحترز صاحب الثوب النظيف من الأقذار الحسّية التي ربما تصيبه إذا لم يحتط لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>