(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) أي ويعبد هؤلاء المشركون من دون الله آلهة لا تنفعهم إذا هم عبدوها، ولا تضرهم إن تركوا عبادتها، فهم عبدوها لمجرد التشهي والهوى، وتركوا عبادة من أنعم عليهم بهذه النعم التي لا كفاء لأدناها، ومن ذلك ما ذكره قبل بقوله:«أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ» إلى آخر الآيات.
ثم ذكر لهم جرما آخر فقال:
(وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) أي وكانوا مظاهرين الشيطان، على معصية الرحمن، وذلك دأبهم وديدنهم، فهم يعاونون المشركين، ويكونون أولياء لهم على رسوله وعلى المؤمنين، بمساعدتهم على الفجور وارتكاب الآثام، وخذلان المؤمنين إذا أرادوا منعها والتنفير منها كما قال:«وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ» .
وقد يكون المعنى- وكان الكافر على ربه هيّنا ذليلا لا قدر له ولا وزن له عنده من قول العرب: ظهرت به، أي جعلته خلف ظهرك ولم تلتفت إليه، ومنه قوله تعالى:
«وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا» أي هينا، وقول الفرزدق:
تميم بن قيس لا تكونن حاجتى ... بظهر فلا يعيا علىّ جوابها
قال ابن عباس نزلت الآية فى أبى الحكم بن هشام الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل بن هشام.
ثم بين عظيم حمقهم ونفورهم ممن جاء لجلب الخير لهم ودفع الأذى عنهم فقال:
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) أي كيف تطلبون العون على الله ورسوله والله قد أرسل رسوله لنفعكم، إذ قد بعثه ليبشركم على فعل الطاعات، وينذركم على فعل المعاصي، فتستحقوا الثواب وتبتعدوا عن العقاب.