التي تكوّنا منها واحدة، والمحل الذي تكوّنا فيه واحد، وفى ذلك دليل على تمام العلم وعظيم القدرة كما قال:«يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ» .
[الإيضاح]
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) أي قسما بالليل حين يغشى الأشياء ويواريها فى ظلامه، ويكون فيه مستراح للناس من أعمالهم، بما يشملهم من النوم والهدوء.
(وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) بزوال ظلمة الليل، فيتحرك الإنسان والحيوان، طلبا لمعاشهما، وبهذا يظهر وجه المصلحة فى اختلافهما، إذا لو كان الدهر كله ليلا لتعذر المعاش على الناس، ولو كان كله نهارا لبطلت المصلحة، فكان فى تعاقبهما آية بالغة يستدل بها على علم الصانع وحكمته، اقرأ إن شئت قوله:«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً» .
(وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) أي قسما بالقادر العظيم الذي خلق الذكر والأنثى من ماء واحد.
وفى هذا دليل على أنه عليم جدّ العلم بدقائق المادة وما فيها، إذ لا يعقل أن يكون هذا التخالف بين الذكر والأنثى فى الحيوان بمحض الاتفاق من طبيعة لا شعور لها بما تفعل، فإن الأجزاء الأصلية فى المادة متساوية النسبة فيهما، فحدوث هذا التخالف فى الجنين دليل على أن واضع هذا النظام عالم بما يفعل، حكيم فيما يصنع ويضع.
وقصارى ما سلف- إن بعض الماء يكون تارة سببا للحمل، وأخرى يكون غير مستعدّ للتلقيح، والأول يكون من بعضه الذكران، ومن بعضه الإناث.
سبحانه ما أعظم قدرته، وأجلّ حكمته، لا إله إلا هو الفعال لما يريد.